المدينة المنورة -"تحول الشك لدى شقيقة الخاطفة الى يقين بعد ان شاهدت صورة الطفل المخطوف منشورة في صحيفة المدينة في اليوم الثاني للواقعة، واستطاعت من خلالها أن تؤكد لأشقائها الشكوك التي أثارتها لحظة رؤيتهم للطفل الوليد بأحضان أختها وإدعائها انها وضعته.
وفي تفاصيل سيناريو الأيام الأربعة لاختفاء الطفل (أنس) روى للصحيفة ذاتها مصدر مطلع على تفاصيل القضية أن المرأة الخاطفة البالغة من العمر 35 عاماً وهي سعودية الجنسية، ومصابة باكتئاب نفسي شديد لعدم الإنجاب بعد زواج 18 عاماً، وإسقاطها لحملها 8 مرات، وفي تلك المرة كانت حامل في الشهر السادس، وفي ذات الليلة التي خطفت فيها الطفل كانت في مستشفى الولادة تعاني من ألم الإسقاط، بعد أن نقلها أحد أشقائها إلى المستشفى، وإجراءها عملية إسقاط جنينها.
وأضاف المصدر أنه يعتقد أنه ازداد عندها أثر الاكتئاب من فقد جنينها الثامن ودخلت في دوامة نفسية تكاد أن تكون خارج الوعي، لتتولد عندها فكرة خطف طفل لتدعي أنه ولدها الذي كانت حاملا به وترجع به لزوجها. وبين المصدر حسب الاعترافات الأولية للخاطفة، أنها قامت بالدوران على غرف المواليد بحثاً عن طفل تستطيع اختطافه، إذ شاهدت "أنس" عدة مرات، ولاحظت الإعياء الذي كان ظاهراً على والدته وجدته، حيث بقيت تراقب الوضع حتى تأكدت من نوم والدته لتحمل الطفل وتذهب الى العيادات في المستشفى لكي تحبك خطتها، وأخذت رقم انتظار لدى عيادة احد الأطباء وقامت بفحصه لدى الطبيب لتغادر المستشفى بعدها إلى منزل أسرتها.
واتصلت الخاطفة بزوجها لتزف له خبر إنجابها وإنها بصحة جيدة، كما احتفلت أسرتها بالمولود الجديد. ولكن زيارة شقيتها التي تعمل ممرضة في احد المستشفيات الخاصة، أثار شكوكها بالطفل حيث انه مكتمل النمو وبصحة جيدة، ورغم سؤال الشقيقة وإلحاحها على الخاطفة، إلا أنها أصرت على ان هذا ابنها.
ونشرت في اليوم التالي صور الطفل المخطوف واخباره، لتأخذ الشقيقة الصحيفة وتخبر أشقاءها بالقصة وتواجه شقيقتها التي انهارات واعترفت بكل التفاصيل، لتبدأ مرحلة جديدة من التخطيط بين أطراف العائلة الذين وجدوا أنفسهم في ورطة لم يتوقعوها، ووضعوا عدة سيناريوهات لإعادة الطفل بعد ان اقنعوا الخاطفة بخطورة ما أقدمت عليه.
وأكد المصدر انهم استقروا على إبلاغ الأب بمكان طفله بعد وضعه في مكان عام بشرط ان يكون بعيداً عن مقر سكنهم، حيث اتخذوا جميع الاحتياطات التي تمنع كشف هويتهم واستقل الأشقاء سيارتين إحداهما سيارة فورد قامت بمسح المكان للتأكد من عدم تواجد الأمن أو أحد الأفراد الذي قد يفشل خطتهم، فيما حملت سيارة بيضاء اخرى الطفل واثنتين من شقيقات الخاطفة، وحين تلقوا الإشارة بأن الوقت مناسب قدمت السيارة البيضاء وألقت الطفل وبعدها بدقائق وصلت الرسالة لوالد أنس، في الوقت الذي كان عامل الحديقة يراقب الوضع بالمصادفة رغم تأكد أشقاء الخاطفة أنه لأحد يتواجد في المكان الذي وضعوا فيه الطفل .
الخاطفة سعودية من أصل باكستاني وزوجها وأشقاؤها ساعدوها في التخلص من “أنس” أصدرت شرطة منطقة المدينة المنورة أمس بياناً قالت فيه: إنه تمكنت وبفضل من الله مساء يوم الخميس 3/1/1432هـ ومن خلال إجراءات بحث مكثفة القبض على خاطفة الطفل (أنس) وهي من الجنسية السعودية من أصل باكستاني. وكذلك تم القبض على من قام بمعاونتها ونقل الطفل ووضعه بجوار أحد الحدائق وعددهم أربعة أشخاص من عائلتها وكذلك زوجها وتم إحالتهم جميعاً إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام حسب الإختصاص.
وبذلت شرطة منطقة المدينة المنورة جهوداً كبيرة للقبض على الخاطفة بقيادة مدير شرطة منطقة المدينة المنورة اللواء عوض بن سعيد السرحاني ومساعد مدير شرطة منطقة المدينة المنورة العميد صالح القرافي ومدير مركز شرطة الخالدية العقيد عبدالله السحيمي ومدير شعبة التحريات والبحث الجنائي العقيد خالد البوق ومساعده العقيد مشعل المحمدي والنقيب سعد العلوي والمقدم مساعد الجابري مدير التحقيق في مركز شرطة الخالدية.
وكانت شرطة منطقة المدينة المنورة قد حققت ما وعد به مديرها اللواء عوض بن سعيد السرحاني في تصريح للصحيفة ذاتها أمس الأول عقب العثور على الطفل بالقبض على الجاني خلال أقل من 24 ساعة، حيث ضبطت الجهات الأمنية بعد مراقبة استمرت لساعات “الخاطفة” وهي من جنسية باكستانية وأربعة أشخاص قاموا بمساعدتها بوضع الطفل بجوار الحديقة، والتخلص منه عقب إحكام الحصار الأمني عليه والوصول إلى دلائل كثيرة كانت ستقود للقبض عليها قبل إرجاعها للطفل.
كما قبضت الفرقة الأمنية التي كانت تراقب منزل الخاطفة من وقت مبكر أمس الأول والواقع في حي جمل الليل بطريق المطار على زوج المرأة الخاطفة، والذي يتوقع أن يكون ضالعاً في عملية الخطف والتستر على زوجته. وكان اللواء السرحاني قد قال : إن الجهات الأمنية ضيقت الخناق على الخاطفة وقطعت الجهات الأمنية شوطا كبيرا من خلال سير التحقيقات بالاتجاه الصحيح، وذلك من خلال فريق من المتخصصين في البحث والتحري استطاع أن يجمع معلومات مكنت من الوصول إلى الخاطفة في وقت قياسي.
يذكر أن قضية الطفل المخطوف من مستشفى الولادة بالمدينة المنورة من أحضان أمه والذي تم العثور عليه يوم أمس أمام حديقة البعيجان في المدينة المنورة، قد شغلت الجهات الأمنية كافة والمجتمع المدني على مدى “3 أيام” متواصلة، وبمتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة.
وقد غادرت والدته مستشفى الولادة مساء الخميس المنصرم، متجهين لمنزلهم الذي سهر حتى صباح يوم أمس الجمعة فرحًا بعودة الطفل أنس، حيث دوت التكبيرات والتهليلات والغطاريف من قبل النساء عند وصول والدة الطفل ووالده الذي كان يحمل الطفل على صدره، واستقبله جموع أسرة وقبيلة المزينة بالفرح والسرور وقدموا التهاني والتبريكات للأم وللأب بمناسبة عودة أنس سالمًا معافى.
وصرح للصحيفة ذاتها والد الطفل بدر سليمان المزيني الذي يعمل معلمًا في متوسطة بشر بن البراء الأنصاري، وقال: لقد تنازلنا نحن قبيلة المزينة عن الحق الخاص من خاطف ابني أنس، وذلك بمناسبة شفاء خادم الحرمين الشريفين، مشيرًا الى أن الحق العام ومحاسبة المقصر بالشؤون الصحية بالمدينة ومعاقبة الخاطف هذا راجع للجهات الأمنية، بعد استكمال التحقيقات ومن حقها محاسبة المقصر. وأكد أنه تم السماح لوالدة الطفل وابنها بالخروج من المستشفى يوم الخميس بعد أن رأى الأطباء أن حالة الأم والطفل مستقرة، وتم الكشف عليهما في الطوارئ قبل الخروج.